بقلم د.يوسف لازم

الكثير من العراقيين الان يشاهدون الالعاب الاولمبية الصيفية.. والتي تقام الان في البرازيل ..والتي يشارك في فعاليات الدورة رياضيون من 206 دولة يشاهدهم متفرجون يقدر عددهم بالمليارات حول العالم. يشارك في فعاليات الدورة 10,500 رياضي ورياضية يمثلون 207 فرق عالمية..ويبقى التتويج بميدالية أولمبية حلماً يراود كل الرياضيين في العراق طوال 4 سنوات من الإعداد للوصول إلى منصة التتويج في الحدث الرياضي الأضخم على وجه الكرة الأرضية، وتظل كل الجهات الرياضية المسؤولة تعمل طوال هذه السنوات، من أجل الوصول إلى لحظة رفع العلم أو سماع النشيد الوطني إيذاناً بالحصول على “ميدالية المجد” أمام أعين كل الجماهير الرياضية في كل العالم ..وبقى العراق من سنة (1960) في دورة روما الى الان حاصلا على وسام المرحوم عبد الواحد عزيز في رفع الاثقال فقط لا غير…

وفي كل دورة أولمبية يتجدد الحديث عن أسباب الإخفاقات العراقية، أو كيفية الوصول بالرياضة العراقية إلى الدرجة التي تمكنها من المنافسة بقوة على الميداليات، أو بحث الأسباب التي تعوق التألق العراقي في الأولمبياد و”التفتيش” عن المقومات التي نفتقدها من أجل الوقوف في وجه سيطرة الدول الكبرى على جدول الميداليات دائماً، لكننا في كل دورة أيضا نظل نبحث فقط دون التوصل إلى نتائج ملموسة يمكن التعامل معها أو أسباب بعينها يمكن العمل على التخلص منها، لتتجدد كل التساؤلات بعد 4 أعوام أخرى..ولا نستلم من مسؤولي الرياضة سوى الوعود الوهمي.

فنحن يوميا نشاهد ابداعات الرياضيين لمختلف بلدان العالم ..ابداعات قد تصل الى حد الاعجاز الرياضي..ونرى بعض الرياضيين من بعض الدول التي لم نسمع بها..واخرين من بلدان فقيرة..ورياضيين يحصدون الذهب والفضة والبرونز ويرفعون علم بلدانهم امام انظار العالم بكل شرف..فها هي اثيوبيا..وفيجي..وكوسوفو..والكويت ..تحصل على الذهب والفضة والبرونز..ووسط متابعتي لمجريات هذه الأحداث التي أبهرت العالم كله ..لاحظت بان هناك تمسك الوفد العراقي بان المشاركة في الألعاب هي الإنجاز الحقيقي، من دون إعلان مواقف صريحة من المنافسة على الميداليات، وإن كان الامر جاء على خلفية افلاس الرياضة العراقية من التمثيل الحقيقي في الاولمبياد وضياع المنافسة الحقيقية على الميداليات ..

فمن خلال متابعاتنا لفعاليات الدورة لاحظنا بان هناك بعض الالعاب الفردية التي اهتم بها العالم وحصد الذهب فيها من خلال اهتمامهم بها وتشجيع الرياضيين على ممارستها..فلماذا العراق غائبا عن تلك الالعاب..ولماذا لا يكون هناك تشجيع من قبل اللجنة الاولمبية على ممارسة تلك الالعاب(القوس والسهم- الرماية – التجذيف- القوارب- رفع الاثقال- الملاكمة- المصارعة-الريشة والتنس.. الجودو..الدراجات ..وغيرها من الالعاب الفردية) التي يكون حصول الذهب فيها اسهل من كرة القدم.. حيث ينصب الاهتمام على ملاعب كرة القدم دون غيرها، وهو أمر يصعب معه اتمام عملية صناعة البطل الأولمبي في العراق بشكل عام ومنافسة الفرق العالمية..حيث ان كرة القدم اكلت الاخضر واليابس..والنتيجة هي خروجة من اول جولة بخفي حنين..فيكفي الاعتماد على كرة القدم..والامر الان يتطلب اعتماد استراتيجية رياضيية تقودها اللجنة الاولمبية العراقية..

لقد بات الامر الان واضحا.. ..فالرياضة العراقية محتاجة الى عملية جراحة كبرى دقيقة..تشارك فيه العديد من الشخصيات والرواد والرياضيين والاكاديميين المتخصصين من اجل وضع اللجان المتخصصة في كيفية الارتقاء بالرياضة العراقية وتحقيق الانجازات على المستوى الاولمبي..والامر يتطلب اتباع ما ياتي:
1- زرع روح الرياضة بالاعتماد على الثقافة الرياضية قبل كل شيء، لأن النظرة للرياضة في العراق تختلف عنها لدى الآخرين، خاصة أن كل أسرة ترغب دائما في إكمال أبنائها لدراستهم وتفرغهم لذلك..وتعتبر الرياضة مضيعة للوقت..كما يحصل الان في مدارسنا..
2- اعتماد خطط منهجية علمية..في الوقت الذي نرى فيه غياب الاعتماد على المنهجية العلمية والعملية في تسيير الامور الرياضية.
3- ضرورة الاعتماد على التخطيط العلمي المدروس ..بينما نلاحظ الان الافتقار الى التخطيط العلمي في صناعة البطل العراقي..والاعتماد على التخطيط العشوائي.
4- التاكيد على الرياضات التنافسية..بينما نرى الان ممارسة الرياضيين العراقيين للرياضة والعمل الرياضي بروح الهواية حتى الآن، بحيث تكون الرياضة لمجرد الممارسة وليس للمنافسة.
5- عملية إعداد الرياضيين للدورات الأولمبية لابد أن تبدأ مبكرا جدا مثلما يحدث في الدول الكبرى، حيث نرى أن دولة مثل الصين تقوم بإعداد أبطالها الرياضيين وهم في سن الثلاث سنوات في رياضة مثل الجمباز، وهي أمور ليست موجودة في العراق بسبب طريقة التفكير والنظرة السلبية إلى الرياضة.
6- لا بد من استقدام المدربين والخبراء المتخصصين كل في مجاله تخصصه لانتشال الالعاب من هذا الوحل.
7- لا يمكن أبدا التسامح في اهمال وزارة التربية للرياضة وغياب دور المدارس في إعداد الرياضيين في وقت مبكر..فاساس التميز الرياضي يبدا من المدارس.
8- ضرورة تشجيع الرياضة في المدارس التي هي الاساس واعطاء الاهمية الحقيقية لدرس الرياضية وتشجيع معلمي ومدرسي الرياضة على الاهتمام بالدرس واكتشاف الطلبة الموهوبين لمحاولة صنع البطل الرياضي.
9- التاكيد على ضرورة الاهتمام ببناء الملاعب لكل الالعاب الرياضية..من اجل تشجيع الممارسين على الممارسة المستمرة..فبدون ملاعب لا يمكن تحقيق اي انجاز.
10-غياب القاعدة العريضة للالعاب الفردية..علما بانه لا تتطلب فيها مبالغ كبيرة..
11-يجب ان وضع خطط طويلة المدى لتطويرالالعاب الفردية ممكن ان تتجاوز 10 سنوات مثلما تعمل الدول المتقدمه والان بعض الدول العربيه تحذو حذو تلك الدول المتقدمة.
12-الميزانيات المرصودة للإنفاق على الرياضة في العراق كله تحضيراً للمشاركة في الأولمبياد في كل دورة لا تقارن بما تنفقه اغلب دول العالم..
13-الايمان بان الرياضة تحولت إلى صناعة في كيفية إعداد الأبطال الأولمبيين، والمنافسة على الميداليات التي تعبر عن مدى تطور الرياضة في كل دولة.

وبعد هذا الاخفاق العراقي في الالعاب الاولمبية وعدم الحصول على اية ميدالية..الا يتطلب الامر..وقفة جادة لمعالجة تلك الاخفاقات..الا يتطلب الامر وضع اللجان الرياضية من اصحاب الكفاءات العراقية للوقوف على الاسباب الحقيقية للاخفاقات المتكررة..الا يتطلب الامر محاسبة الذين يستلمون المبالغ بغرض التدريب ولم يحققوا اي انجاز يذكر..الا يتطلب الامر اقامة ندوة رياضية اولمبية لبيان اسباب الاخفاقات العراقية..الايتطلب الامر البدء بالعمل بالتخطيط واعتماد المنهجية العلمية لاعداد الرياضيين العراقيين والاعتماد على الالعاب الفردية..الا يتطلب الامر اعداد خطة استثمارية لبناء الملاعب الرياضية مثل بقية بلدان العالم

Editorial1مؤلف

Avatar for Editorial1

الدكتور عبد الجبار البصري رئيس تحرير صحيفة الرياضة العراقية

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *