تحقيق-محمد الشريفي-صحيفة الرياضة العراقية-ظاهرة غريبة لم تألفها ملاعبنا من قبل انتشرت بين جماهيرنا الرياضية كانتشار النار في الهشيم حتى باتت مرضا سرطانيا ينخر كل يوم وكل لحظة بجسد الرياضة العراقية ! تلك هي ظاهرة الشغب التي لم تكن مألوفة من قبل في

الملاعب العراقية ومع عصر الديمقراطية الجديدة في العراق راح هذا المرض الخبيث يستشري بين المشجعين العراقيين باختلاف انتماءاتهم الناديوية فما هي أسباب انتشار هذه الظاهرة ومن هو المسئول عنها وكيف السبيل إلى استئصال هذا الورم السرطاني من جسد كرة القدم العراقية ….
من أمن العقاب أساء الأدب

من أجل الحديث بشكل مفصل حول هذه الظاهرة تحدث إلينا الكابتن راضي شنيشل مدرب الطلبة السابق حيث قال : هذه ظاهرة دخيلة على ملاعبنا وعلى جمهورنا الواعي المثقف واعتقد إنها انتشرت بشكل خاص بعد التحول الذي حصل في العراق وربما عدم إدراك البعض من الجمهور لمعنى الحرية هو الذي تسبب ولا زال يتسبب باستمرار هذه الظاهرة ولانتشار هذه الظاهرة أسباب عديدة منها هو قلة عدد أفراد الحماية المكلفة بأمن الملاعب حيث لو تلاحظون انه في اغلب المباريات ان لم نقل في كل المباريات لا يوجد العدد الكافي من أفراد حماية الملاعب الذي يؤمن سير المباراة بشكل سلس وانسيابي وهذا الجانب تتحمله بالتأكيد الجهات الأمنية المسئولة عن إرسال قوات الأمن الى الملاعب حيث يجب ان يكون العدد متناسب مع أهمية المباراة وعدد الجمهور الحاضر فيها من جهة أخرى هناك نقطة بغاية الأهمية هو ضعف إدارات الأندية وعجزها عن الوقوف أمام الجمهور لوجود خلل كبير في عملها فالإدارة حين تشعر بوجود نقص معين في عملها خصوصا اذا كان نقص مفضوح وبين المعالم عندها لن تستطيع مواجهة الجمهور فمثلا في الطلبة ورغم ان الفريق حقق نتائج طيبة وتأهل كأول للمجموعة الا الكثير من الجماهير لم تكن ترغب بتواجدي على رأس الهرم التدريبي لفريق الطلبة والمشكلة ان الإدارة في مثل هذه الحالة تكتفي بدور المتفرج وتترك المدرب واللاعب بمواجهة الجمهور دون ان تشكل له سندا حقيقا والمشكلة هو وجود لوبيات تعمل على ابتزاز الإدارات نفسها بالإضافة الى المدرب واللاعب أيضا والحديث بشكل عام طبعا والسبب هو عجز الإدارات عن الوقوف أمام الجمهور للسبب الذي ذكرته وهو إيمانها بقصور عملها مما يجعلها تخشى مواجهة جماهير فريقها كذلك وجود بعض المتنفذين والمستفيدين من الجمهور ممن يعتقد انه صاحب كلمة وقرار في الفريق الذي يشجعه نتيجة تدخله المستمر في شؤون الفريق ونزوله الى ساحة الملعب والاستفسار عن كل صغيرة وكبيرة مما يجعله يعتقد انه صاحب قرار في الفريق وما ان يتخذ المدرب قرار لا يروق له حتى يبدأ بافتعال المشاكل وهذه الحالة حدثت معي في الزوراء والجوية والطلبة والسبب المباشر أيضا هو ضعف الإدارات أمام ذلك النفر نتيجة ركية عملها وضعفه أضف الى كل هذه الأسباب مجتمعة ضعف الإتحاد وضعف لجنة المسابقات فيه بحيث لم تتمكن خلال المواسم المنقضية وصولا الى الموسم الحالي من وضع حد عبر قرارات رادعة تتخذها بحق المسيئين وكما يقال فان من امن العقاب أساء الأدب والسبب هو اعتمادها مبدأ المجاملة وخوفها من خسارة الأصوات الانتخابية وحقيقة الأمر ان الاتحاد يعيش في وادي بعيد تماما عن كرة القدم العراقية وأعتقد ان الحل يأتي من خلال توعية الجمهور وتثقيفه وهذا دور مشترك الكل مسئول به سواء إعلام او إدارات أندية او روابط مشجعين وأيضا العمل على ايجاد عقوبات رادعة بحق المسيئين والذي تثبت إدانتهم المهم انه يجب ان نتمكن من القضاء على هذه الظاهرة الخبيثة الدخيلة على ملاعبنا .

الديمقراطية هي السبب

أما المدرب الأكاديمي الدكتور كاظم الربيعي فقد تحدث عن الموضوع قائلا: الحقيقة ان الجمهور وقبل التغير الذي حصل في البلد كان متعود على نظام صارم مما يجعل أي شخص يحسب ألف حساب لكل تصرف أو خطوة بخطيها وبعد التحولات التي جرت وشعور المواطن بحصوله على حيز من الحرية جعله غير قادر على معرفة حدود الحرية المتاحة لها فبات يتدخل في كل شيء وبات يتسبب بالإساءة الى الى الفريق الذي يشجعه قبل أن يتسبب بالإساءة للطرف الآخر وهذا طبعا لا يمثل غالية الجمهور العراقي المعروف عنه الخلق القويم والتشجيع المثالي ومن العوامل المساعدة أيضا على انتشار هذه الظاهرة هو قلة أعداد أفراد الحماية المكلفة بحماية أمن الملاعب فالأعداد التي تحضر لا تتناسب وأعداد الجماهير المتواجدة فوق المدرجات مما يتيح للبعض التصرف بشكل سلبي وإثارة المشاكل والفتن بين الجماهير التي تحضر من أجل رؤية مباريات جميلة وأعتقد ان هذه هي المشكلة الرئيسية بالإضافة الى طول فترة الدوري التي يمكن ان تتسبب بالمشاكل واعتقد ان الإعلام مطالب بتوعية الجمهور والحث على التشجيع النظيف بعيدا عن التعصب الأعمى وإثارة الشغب أيضا اجد من الضروري التعريف بمثيري الشغب والعمل على استئصالهم من ملاعبنا من خلال وضع صور كبيرة لهم على بوابات الملاعب كي يتسنى لأفراد الحماية منعهم من الدخول الى الملاعب وبالتالي منع شرورهم عن كرة القدم العراقية أيضا أجد ان الإدارات مطالبة بإيجاد روابط للمشجعين ذوي ثقافات عالية يقومون بتوعية مناصري فرقهم من أجل المساهمة في القضاء على هذه الظاهرة الغريبة.

ظاهرة مؤسفة

مدرب آخر أدلى بدلوه ذلك هو حيدر محمود مدرب نادي الزوراء الذي قال فعلا هي من الظواهر المؤسفة في ملاعبنا والتي انتشرت بشكل سريع بين جماهيرنا وهي ظاهرة لم تألفها ملاعبنا من قبل وأعتقد ان لها أسباب كثيرة أهمها هو قلة أعداد أفراد الحماية المكلفة بالتواجد في الملاعب مما يمنح البعض الفرصة للإساءة لسمعة الجمهور العراقي الذي عُرف عنه منذ القدم الالتزام والتشجيع المثالي وغالبا ما كان الجمهور العراقي هو اللاعب رقم واحد وليس الثاني عشر في الفريق الذي يشجعه وأعتقد ان إدارات الأندية تتحمل جزء كبير من المسئولية فعلى عاتقها تقع مهمة توعية الجمهور من خلال المحاضرات التي يمكن ان تلقى على جماهيرها بواسطة روابط المشجعين التي يجب ان يكون لها دور حقيقي في الحد من هذه الظاهرة التي ان استمر انتشارها فان نتائجها ستكون وخيمة جدا على سمعة المشجع العراقي وأنا واثق ان الجمهور الحقيقي المحب لكرة القدم يرفض مثل هذه الممارسات والسلوكيات خصوصا وان الأخلاق هي أهم ما يتميز به المشجع العراقي وهذا ما أثبتته جميع البطولات التي كانت تقام في العراق والذي انعكس بشكل ايجابي على كل المشاركات الخارجية وبالتالي فاني أوجه الدعوة الى الجماهير الوفية بضرورة الالتزام بالتشجيع السليم حفاظا على سمعة الكرة العراقية.

العلة في نظام الدوري

أما آخر المتحدثين فكان هاشم خميس مدرب حراس مرمى فريق القوة الجوية الذي بين وجهة نظره في الموضوع قائلا: من وجهة نظري الشخصية أعتقد ان السبب هو في أسلوب إقامة الدوري ولعلك تستغرب طرحي هذا لكن دعني أشرح لك …المعروف عن أي بطولة دوري في العالم هو ان تلتقي جميع الفرق المشاركة فيه ببعضها البعض بحيث يكون هناك مجال للتعويض اذا ما خسر الفريق وبالنهاية فأن الفريق الذي يجمع قدرا أكبر من النقاط هو الذي يحرز لقب الدوري أما عندنا في العراق فالبطولة هي أقرب لبطولة الكأس حيث أن الفريق الذي يخسر مباراة يكون التعويض في المباراة التي تليها صعبا جدا بمعنى ان الفريق يمكن ان يخسر جهود موسم كامل بمباراة واحدة اذا ما خسرها مما يدفع المشجع للشعور بالإحباط وهذا الإحباط يجعله يقوم بتصرفات طائشة تسيء أول ما تسيء لسمعة الفريق الذي يشجعه أضف الى ذلك ان طول فترة البطولة أيضا يتسبب بالمشاكل وبالتالي فان على الاتحاد تقع مسئولية العودة الى نظام الدور المعروف ذهاب وإياب وبعدد فرق لا يتجاوز الثمانية عشر أو في أفضل الأحوال العشرون فريقا كي نضمن وجود منافسة حقيقية بين الفرق وكي نقطع الطريق أمام البعض في الاستفادة من هذه النقطة كذلك قضية عدد أفراد الحماية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ويجب مخاطبة الأجهزة الأمنية المسئولة عن ذلك بضرورة زيادة عدد العناصر كي نؤمن جانب كبير من الأمان للمشجع الذي بات يخشى على نفسه من الحضور الى الملاعب خشية حدوث أعمال شغب .

أخيرا

بعد كل الذي قيل نجد ان هناك شبه إجماع على الأسباب وعلى الحلول اللازمة فالجميع اتفق على إن هذه الظاهرة دخيلة على ملاعبنا وإنها برزت بشكل واضح وجلي بعد التغيرات التي حصلت في العراق بعد 2003 والجميع متفق أيضا على القصور الواضح بالإجراءات الأمنية والتي تتحمل مسئوليتها بكل تأكيد القوى الأمنية المسئولة عن حماية المنشآت الرياضية ومنها الملاعب كذلك نظام الدوري وطول مدة إقامته التي امتدت لحوالي الثلاثة عشر شهرا في سابقة لم يشهدها تاريخ كرة القدم ولا حتى في بلاد الواق واق وبدورنا نظم صوتنا لهذه الأصوات الشريفة الحريصة على رؤية رياضة خالية من الشغب في جميع ملاعبنا سواء في كرة القدم أو في سائر الألعاب الأخرى كذلك نوجه الدعوة الى إدارات الأندية بضرورة العمل على توعية جماهيرها وحثها على الأيمان بان الرياضة فوز وخسارة وأيضا نتوجه بالدعوة الى السادة المسئولين في وزارة الداخلية ووزارة الدفاع بضرورة إيجاد آليات دقيقة تكفل للمشجع المتابعة بدون مشاكل ومخاوف طبعا بعيدا عن الاستفزاز الذي تلجئ اليه في بعض الأحيان القوات الكفيلة بحفظ الملاعب وبدلا من إيقاف الشغب تعمل من غير شعور على زيادة فتيل الأزمة .

1 Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *