
فالح حسون الدراجي-صحيفة الرياضة العراقية-حسن بنيان: قامةرياضية وطنية شامخة. فهو تأريخ رياضي مكتنز بالبطولات، والكؤوس والأوسمة.وتأريخ وطني حافل بالمآثر، والمواقف الباسلة. لم ينثنِ يوماً لظرف قاس،ولم ينحنِ لظالم قط.علمَّنا – منذأن كنا صغاراً- كيف نواجه الظلم، وكيف نقف بوجه الزمن، مهما كان قاسياً، فننتصر عليه. لقد كان حسن
بنيان بحق، مدرسة تربويةوأخلاقية مضيئة بقيم الشرف والرجولة،وكان لنا، بمثابةالمقياس الذي نقيس عليه المباديءالنبيلة.
حسن إبن العامل الكادح (بنيان)، وشقيق المناضل الوطني الراحل محسن، وشقيق لاعب السكك -الزوراء – ومنتخب بغداد رسن بنيان،وإبن العائلة المكافحةالتي( يحلف بهاالطيبون )- وإبن مدينةالثورة الواهبة المعطاء، هو نفسه الذي تعلمت منه شخصياً دروساً عظيمة. وسأذكر هنا درسين منه لن أنساهما قط.الأول،عندما كنت فتى لم يتجاوزالسابعةعشر من عمره،وقد حضرتُ المباراةالنهائية لبطولةالعراق في الملاكمة،والتي جمعت بين الملاكم حسن بنيان،والملاكم الفذ زبرج سبتي، وكان زبرج قد عاد تواً من بانكوك، وعلى صدره الوسام الذهبي الآسيوي.. وقدأنتهت المباراة بفوز زبرج سبتي.. وفي مساء نفس اليوم كنا مع حسن في المقهى القريبة من داره،ومعنا مجموعة كبيرة من الأصحاب والأصدقاءوالجيران.وأذكرأن أحدهم سأل حسن عن النزال، ،وعن أسباب خسارته،وقبل أن يجيبه حسن،أنبرى أحدأ قاربه مبرراًالخسارة بالقول: أن النتيجة غيرعادلة، وإن الحكم كان متحيزاً لصالح زبرج.. لكن حسن قاطع(قريبه)قائلاً:- هذا كلام غيرصحيح، فزبرج سبتي كان الأفضل والأحسن مني، وهو يستحق الفوز ألف مرة.. لقد كان هذا أول درس أتعلمه من حسن في موضوعةالأعتراف بالآخر،وإحترام قدرات الخصم. وقد أكد حسن هذا الموضوع فعلياً عندما فاز في الموسم التالي ببطولة العراق بجدارة، بعد أن لعب نزالاً كبيراً، لم يزل محبو الملاكة يتذكرونه حتى الآن..
أما الدرس الثاني، فلم يكن شخصياً لي فحسب، بل كان درساً عمومياً لعدد غير قليل من الناس.وذلك عندما بطش حسن بنيان بأحد أزلام السلطة المتنفذين(بطشة) لن تنسى أبداً، مستعيداً بذلك حقه الشخصي بيده، علماً بأن الشخص (المبطوش به)كان واحداً من المحاطين بثلة من أخوته، وأبناء عمه، وأغلبهم يعملون ضباطاً في الحرس الشخصي لرئيس النظام الدكتاتوري البائد، في الوقت الذي كان فيه النظام في أوج قوته، وشراسته، ضارباً بذلك مثلاً عظيماً في مواجهة الباطل، وعدم السكوت على الظلم..إذ مازال الناس في(السوق العربي ) يتذكرون هذه الواقعة بتقدير وإعجاب..
واليوم، وبعد أن دارت السنين،وأستقوت الظروف، فيسحق المرض حسن بنيان ، بعد أن فشل غيره في سحقه من قبل، ويسقط هذاالجبل الرياضي الشامخ في حلبة(السكري)، فتبتر ساقه،ولم يجد أحداً يقف معه غير عائلته الصابرة فإننا نطالب بقوة مؤسسات الدولةالمعنية، بدءاً من رئاسة مجلس الوزراء، ومجلس رئاسة الجمهورية، ووزارة الشباب، ووزارة المالية، والخارجية، والداخلية، ووزارةالتربية والتعليم، واللجنةالأولمبية..ومؤسسة السجناء السياسيين، وأتحاد الملاكمة، وكل المؤسسات الوطنية في عراقنا الجديد.. نطالبها بأن تقف بقوة مع حسن بنيان، فهذا (الحسن) لم يكن بطلاً رياضياً فحسب لتقف معه المؤسسات الرياضية فقط،إنماهو بطل وطني، ومناضل سياسي، وهو(معلم) كبير في درس القيم والتربية الوطنية.. ولا أريد هنا أن أذكر المبلغ المُخجِل الذي أرسلته له أحدى الجهات المعنية، والبالغ مائة وخمسون ألف دينارعراقي فقط( يعني مية وخمسةوعشرين دولار بس). ولم يكن غريباً طبعاً،ان يرفض حسن بنيان إستلام هذه(المعونة)الهزيلة، فالكريم يظل كريماً مهما قست عليه الدنيا.وإذا كانت العرب قد قالت يوماً:-إرحموا عزيز قوم ذل .. فنحن نقول : ليس كل عزيز قوم يذل

1 Comment