بغداد – احمد عباس ابراهيم / (خاص) صحيفة الرياضة العراقية:
ان الذي يتصدى للعمل في الهيئات الادارية للاتحادات الرياضية في العراق يتوخى تحقيق واحد او اكثر من هذه الاهداف
فاما ان تغريه وجاهة المنصب وسطوته والاضواء التي تسلطها عليه وسائل الاعلام ، او أن تستهويه مغريات الايفادات ومايترتب عليها من مردودات مادية والسكن بالفنادق الفاخرة ، والتنقل بالطائرات والحفاوة والتكريم التي يحظى بها من خلال موقعه ، او انها تكون هدف وغاية على جانب كبير من الاهمية وهي بناء علاقات جيدة مع الكثيرين ممن يلتقى بهم خلال المؤتمرات او الاجتماعات او البطولات الاقليمية والقارية والدولية ، وقد يستثمر تلك العلاقات بما يخدم مصالح وطنه ، او يستثمرها لتحقيق منافع وتسهيلات شخصية ، ويعتمد هذا المسلك او ذاك على عوامل عديدة لسنا بصددها هنا.
أو انه لايهتم ولا يخطط للاستفادة من تلك المكاسب ، بل يجعل هدفه خدمة وطنه دون ان يلتفت الى مغريات منصبه ، وهذه حالة صحية موجودة في وسطنا الرياضي ولكنها بنسبة اقل من الحالات الاخرى.
خلال ما يقارب الربع قرن من العمل الاداري في وسطنا الرياضي ، وكانت معظم فترتها في اتحاد كرة القدم ، استطعت ان اقيم علاقات مودة واحترام وثقة مع الكثيرين من المعنيين بالشأن الرياضي داخل العراق ، وكذلك مع العديد من الشخصيات والمسؤولين الرياضين في الخارج ، وخاصة من الدول العربية والخليجية منها بشكل خاص ، وتكونت تلك العلاقات من خلال تواجدنا في اجتماعات الاتحاد العربي والاسيوي والدولي ، او الاجتماعات العادية وغير العادية ، واجتماعات امناء السر لبطولات الخليج العربي عبر اكثر من عقدين من الزمن ، واطلعت عن كثب على آلية عمل اتحادات معظم تلك الدول ، وفعالية لجانها وكيفية تسخير امكانات وطاقات الاكاديميون والخبراء لتحقيق افضل صور الاداء في عمل منظوماتها ، والذي يهمني هنا هو التطرق الى موضوع الدوري في تلك الدول وبالاخص عدد الاندية التي تتنافس في دورياتها للمستوى الاول ، ولا اتطرق هنا للاسلوب الذي تعتمده لاقامتها واقارنه باسلوب اقامة دورينا ، لان ظروفنا تختلف عن الاخرين كما هو معلوم ، ولكنني اقصد ثبات عدد الاندية التي تتنافس هناك في دوري المستوى الاول وعدم تغييرها مهما كانت الظروف والضغوط ، والمعروف ان التاريخ الرياضي لمعظم تلك الدول لايقارن بتاريخ العراق الرياضي ، فهل يعقل ان اتحادنا الذي تاسس عام 1948 وكان من اوائل الدول العربية التي اصبحت عضوا في الاتحاد الدولي عام 1950 لم يستقر لحد الان على عدد معقول لدوري المستوى الاول؟!.
وبالتأكيد سوف تطلق السهام باتجاهي بسؤال بديهي معسول ممزوج بحقد دفين لا اعلم دوافعه…. ألم تكن انت في الاتحاد حتى قبل اشهر مضت فلماذا تنتقد حالة انت جزءًا منها؟؟
فاجيب نعم انا كنت كذلك ، ولكن دعونا نعود لعام 2004 وفي لجنة المسابقات في حينه ، وكان معي شاهدًا حيًا هو الاخ الصحفي والرياضي الاستاذ منعم جابر ، حيث رفعنا توصية للاتحاد بان تصبح عدد اندية الدوري الممتاز وصولاً لموسم 2008 الى (18) ناديًا ، وتم اقرار تلك التوصية من قبل الاتحاد ، ولكن تلكأ تنفيذ هذا القرار حتى موسم 2008-2009 ، حيث قرر الاتحاد ان يكون عدد اندية الدوري الممتاز لذلك الموسم (28) ناديا ، ثم الى (18) ناديًا للموسم الذي يليه ، وثم عقد اجتماعًا لممثلي الاندية ، وابلغتهم شخصيًا بقرار الاتحاد الذي شمل اسلوب الدوري وعدد الاندية التي ستهبط وتلك التي ستتأهل وفق الاليات المقررة ، وانطلق الدوري على هذا الاساس وبنظام المجموعات بموجب تلك الالية ، فماذا حدى مما بدى؟
فقبل ان يصل قرار التمديد ، اطلقت بالونات اختبار حول احتمالية عدم هبوط الاندية بدواعي مراعاة ظروف البلد وظروف الاندية ومبررات اخرى ، واصبحت تلك التكهنات قرارًا تمخض عن اجتماع اربيل ، ولم يكتف الاتحاد بذلك ، بل تعددت مكارمه بقرار اخر ، وهو تصعيد اندية الى الدوري الممتاز (بالزحف) بحيث اصبح عددها(43) ناديا ، وبرر ذلك باسباب ومعطيات اعتقد الاتحاد بانها يمكن ان تلقى قبولا وقناعات في الوسط الرياضي ، ولم يكن مصيبًا في اعتقاده ، فالغالبية من المعنين تعلم جيدًا ان وراء القرارين دوافع معروفة ، واهمها كسب الاصوات سواء من الاندية التي لم تهبط ، او تلك التي شملها الزحف والتصعيد عن طريق تأثيرها على اصوات محافظاتها ، وكذلك لعبت العلاقات الشخصية دورًا في تمرير تلك القرارات.
وهنا يبرز سوال مهم ، كيف سيتم تنفيذ هذا الدوري وبهذا العدد غير المسبوق من الانديه؟
نعم ستكون هناك ثلاثة مجموعات ويتاهل من كل مجموعة عدد معلوم لدوري النخبة ، ولكن ألم يتسأل اصحاب القرار كيف ستتمكن الاندية التي تأهلت بقرار وليس لديها (او لأغلبها) الامكانيات المادية للتعاقد مع مدربين ولاعبين بمستوى الدوري الممتاز في الوقت الذي تعرضت فيه اندية عملاقة وعريقة لأزمات مالية كادت ان تكون سببًا في انسحابها من دوري الموسم الماضي مثل اندية الزوراء والميناء وصلاح الدين والنجف والرمادي وديالى وميسان وغيرها؟؟ ، كما ان الاتحاد يشكو باستمرار بعدم كفاية ميزانيته التي لم تكاد تسد حاجته وكان الدوري بعدد (27) ناديا ، فكيف ستغطي تلك الميزانية دوري الـ (43)؟؟ ، وهل هناك مؤشر في الافق بزيادة لميزانية الاتحاد من قبل اللجنة الاولمبية؟ ، وهناك اسئلة اخرى تدور في خلد الكثيرين حول هذا الموضوع ، ولكني سأقتصر على سؤال اخير ، هل ان هذا الدوري سيحقق أهدافه بأكتشاف المبدعين والمواهب لضمهم الى منتخباتنا الوطنية؟ ، حيث ان من المسلم به ، اي دوري ناجح يترشح عنه منتخبات جيدة ، ولكن الاتحاد إعتمد مبدأ الكمية على حساب النوعية ، وللاسف ومن النتائج الملموسة لذلك تراجع تصنيف منتخبنا الوطني الى التسلسل (100) في تصنيف الاتحاد الدولي.
وانا على يقين ان بعض اعضاء الاتحاد لم يكونوا على قناعة تامة بهذه القرارات (على الاقل في دواخلهم او عندما يتحدثون مع من يثقوا به) ، ودليلي على ذلك هو اني كنت شاهدا على موقف احد اعضاء الاتحاد المؤثرين على مقترح تصعيد احد اندية المؤسسات العريقة في الموسم الماضي ، واعلن موقفه الرافض خلال اجتماعنا مع الاندية حينذاك علنا وبشجاعة.
اخيرا اتمنى ان لا يفهم الاخوة المعنين في الاندية التي شملها قراري عدم الهبوط والتصعيد باني اقف حجرة عثرة في طريق طموحاتها ، فبالعكس ، إني اهنئ مسؤوليها وابارك جهودهم التي حققت احلام انديتهم وجماهيرها ، وحققوا مكسبًا تاريخيًا ، مستثمرين وبإقتدار ظروف الإتحاد المرتبكة ، والتي تمخض عنها قرارات غير مدروسة بعناية ، ولكني اشعر ان الواجب يحتم علي ان اوضح رأيي في هذا الموضوع الهام والحيوي لكل من يعنيه أمر كرة القدم العراقية ، ناصحًا بذات الوقت الاتحاد ان يضع الحلول لمعالجة تداعيات تلك القرارات في نهاية الموسم الحالي في حالة بقائهم في السلطة ، وكذا الحال لمن سيستلم مقاليد قيادة الاتحاد بعد فوزهم في الانتخابات القادمة ، لاني اتوقع ظهور صعوبات عديدة في مسيرة الدوري الممتاز لموسم 2009-2010 ، وستترسب عنه العديد من المشاكل التي تحتاج الى معالجات حصيفة واراء منطقية وعادلة بعيدة عن شبهة المصالح الشخصية ، داعيًا للجميع بالتوفيق ، وان يضعوا المصلحة العامة في مقدمة الاولويات وفوق اي اعتبار اخر ( إعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ).
1 Comment