بغداد/ د. منذر العذاري – موفد الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية-صحيفة الرياضة العراقية
قد يكون من حسن حظي ان يتاجل ايفادي كمرافق صحفي للمنتخبات الوطنية مرة بعد مرة بشكل غريب من نيسان 2014 وحتى تشرين الاول 2015 لارافق منتخب الشباب في رحلته الى طاجيكستان في تصفيات بطولة اسيا تحت 19 عاما ، اقول من حسن حظي لانني عشت اياما سعيدة رغم قصر المدة التي لم تتجاوز سبعة ايام ، ومصدر السعادة النتائج الرائعة والانتصارات التي حققها الفريق العراقي الشاب في هذه المشاركة ونيله بطاقة التاهل لنهائيات البطولة بجدارة واستحقاق اولا ، ولانني عشت سبعة ايام جميلة مع مجموعة رائعة من الناس الذين امتازوا بالضبط والالتزام والبساطة والتواضع والاخلاق الرفيعة ، وانا هنا لست في مجال المديح لانكم تعرفون بانني لا اجامل اقرب الناس لي ، لكنها كلمة حق لابد ان تقال .
اعداد ضعيف وحرب خفية
لم يشهد تاريخ الكرة العراقية اعدادا ضعيفا لمنتخب وطني يستعد لمشاركة قارية مهمة كما حدث لمنتخب الشباب في هذه المشاركة ، فبعد ان سمى اتحاد الكرة الكابتن عبد الغني شهد مدربا للفريق في بداية رحلة اعداده ، عاد في الاسبوع الاول من اب الماضي لتكليف الكابتن عباس عطية بقيادة الفريق بعد تسمية شهد مدربا للمنتخب الاولمبي ، وانتظم الفريق في معسكر تدريبي في ايران في الاسبوع الاخير من شهر اب الماضي خاض خلاله ثلاث مباريات تعادل في الاولى مع نظيره الايراني بدون اهداف وفي الثانية بهدف واحد وفاز في المباراة الثالثة على فريق شميران بخمسة اهداف مقابل لاشيء ، لكن الفريق افتقد في معسكره هذا عددا كبيرا من لاعبيه الاساسيين الذين لم تسمح لهم انديتهم الانضمام للمعسكر التدريبي للفريق لتزامنه مع فترة اعداد لاعبيها لمباريات الدوري الممتاز رغم ان معظم لاعبي المنتخب ليسوا من العناصر الاساسية في فرقهم ، ولذلك لم يستفد الفريق ومدربه من هذا المعسكر الاعدادي لابعاد حوالي 20 لاعبا من اولئك الذين انتظموا في معسكر ايران التدريبي عن صفوف الفريق لاسباب مختلفة لعب ابرزها حالة التلاعب في اعمارهم ومستمسكاتهم الرسمية ولم يتبق منهم سوى سبعة لاعبين .
كانت الايام تمضي وموعد التصفيات يقترب والجهاز الفني للفريق في حيرة من امره لعدم تمكنه من تجميع اللاعبين واعداد الفريق لرفض الاندية التحاق لاعبيها بصفوف المنتخب ، ولامور شخصية وتصفية حسابات بين بعض المدربين واتحاد الكرة ، ولذلك لجا الكابتن عباس عطية لوسائل الاعلام من صحافة وقنوات فضائية ليعلن صعوبة مهمته في اعداد فريق قادر على المنافسة في هذه المشاركة ، لكنه كان كمن ينفخ في ( قربة مثقوبة ) حيث لم يكن هناك من يسمع او ينتخي لسمعة بلده .
جاءت الاخبار بان دعوة رسمية قد وجهت للفريق لخوض مباراتين امام نظيرة السعودي في المملكة العربية السعودية ، وكانت تلك الدعوة فرصة جيدة لاعداد الفريق ، لكن خيبة الامل كانت حاضرة وتم الغاء المعسكر السعودي القصير ، ولذلك لم يكن امام الفريق سوى الانتظام في معسكر تدريبي داخلي في مدينة اربيل اعتبارا من يوم الجمعة 18 ايلول الماضي ثم السفر من هناك الى دوشنبه عبر مطار اربيل الدولي ، ومرة اخرى ترفض فرق الدوري السماح للاعبيها الالتحاق بالفريق قبل انتهاء مباريات الجولة الثانية للدوري الممتاز التي اقيمت يومي 19 و20 ايلول الماضي ، رغم ان معظم
عناصر المنتخب الشبابي ليسوا من اعمدة فرقهم او لاعبيها الاساسيين ، ولذلك تم تاجيل معسكر اربيل حتى يوم الاثنين 21 ايلول الماضي ، مما يعني بان معسكر المنتخب لا يتعدى سبعة ايام ، فيما استعدت فرق المجموعة الاخرى وهي البحرين وطاجيكستان وجزر المالديف في معسكرات تدريبية خارجية متعددة وخاضت مباريات ودية ورسمية كثيرة .
الكابتن عباس عطية عدّ في تصريحات صحفية معسكر اربيل ضعيفا وغير ملب لطموحات الجهاز الفني للفريق ، وانه لن يقدم اضافة للمنتخب كونه سيلعب مع فرق اقل مستوى من تلك التي سيواجهها في منافسات التصفيات ، لكنه اوضح بان فريقه يطمح لتحقيق نتائج ايجابية في المشاركة الاسيوية والتواجد على راس المجموعة الصعبة رغم جميع المعوقات .
معسكر اربيل
في يوم 21 اب الماضي بدا الفريق معسكره التدريبي في مدينة اربيل بعد ان ( تكرمت ) فرق الدوري ومنها نادي الشرطة بالسماح للاعبيها بالتفرغ لمنتخب الشباب ، ولم يكن يفصل الفريق عن المباراة الاولى سوى عشرة ايام .
اتخذ الفريق من فندق كوارتز – القريب من ملعب الشهيد فرانسوا حريري – مقرا لسكنه ، وكان ملعب اربيل الثاني مكانا لتدريباته كون ارضه مفروشة بالعشب الصناعي الذي يشابه ارضية ملعب الجمهورية المركزي في دوشنبه الذي ستقام عليه منافسات التصفيات .
خاض الفريق مباراته الاولى امام نادي بيشمركة اربيل في اليوم التالي لوصوله على ملعب البيشمركه في منتجع صلاح الدين السياحي وخسرها بهدف واحد مقابل لاشيء ، وفي يوم الجمعة 25 ايلول الماضي خاض الفريق مباراته التجريبية الثانية امام نادي برايتي احد فرق الدوري الكوردستاني الممتاز على ملعب اربيل الثاني وتمكن من تحقيق فوز كبير بخمسة اهداف مقابل لاشيء سجلها مصطفى محمد ( هدفين ) وجاسم محمد ومحمد حسن وامجد عباس ، ثم اختتم مبارياته التجريبية يوم الاحد 27 ايلول الماضي بالفوز على نادي اربيل المشارك في الدوري الكردستاني باربعة اهداف مقابل لاشيء سجلها احمد جلال وامجد عباس وسجاد جاسم وامير صباح في المباراة التي اقيمت على ملعب اربيل الثاني وحضر جانبا منها السيد عبد الحسين عبطان وزير الشباب والرياضة الذي كان قد زار الفريق في صباح يوم المباراة والتقى باللاعبين والجهازين الفني والاداري ، واكد خلال لقائه دعم الوزارة ودعمه الشخصي للفريق الذي تنتظره مهمة كبيرة للتاهل لنهائيات كاس اسيا تحت 19 عاما ، ورافق الوزير خلال زيارته السادة عبد الخالق مسعود رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم وحسين سعيد وناجح حمود والدكتور عبد الله مجيد رئيس نادي اربيل الرياضي .
تنبؤات ابو علي الشيباني
قبل سفر الفريق بايام قليلة قرات على الفيس بوك تنبؤات للمدعو ( ابو علي الشيباني ) بان شهر ايلول 2015 سيشهد سقوط طائرة تحمل على متنها منتخبا وطنيا بكرة القدم ، وبالرغم من انني لا اؤمن بتنبؤات المنجمين وبالذات هذا الشخص ، الا انني لا اخفي حالة من القلق قد داخلتني فالروح عزيزة كما يقولون ، وكان افراد عائلتي اكثر قلقا مني حتى وصل الحال بهم للطلب مني بعدم مرافقة المنتخب في هذه الرحلة ، وعندما وصلت الى اربيل يوم الاحد 27 ايلول بطائرة الخطوط الجوية العراقية القادمة من النجف وجدت ان خبر الشيباني هذا قد وصل مسامع بعض افراد الوفد ومنهم الكابتن الرائع قصي هاشم مساعد المدرب الذي عندما وصلنا دبي سالمين قال لي ضاحكا ( خلصت واحدة وبقيت ثلاثة ) .
رحلة شاقة وارهاق كبير
في الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء 30 ايلول الماضي غادر الفريق فندق كوارتز متجها الى مطار اربيل ، فيما غادر اللاعب امجد عباس لاسباب تتعلق ببيانات جواز سفره والاداري جبار مزعل لسوء حالته الصحية ، وتالف الوفد من 34 شخصا هم: السادة فالح موسى رئيسا للوفد وليث حسين مديرا للفريق وعباس عطية مدربا ومهدي كاظم وقصي هاشم مساعدين للمدرب وحامد كاظم مدربا لحراس المرمى ود. سعد حسين طبيبا وطاهر حسن معالجا وعمار زهير وخضير عباس اداريين وحميد محسن طباخا ود. منذر العذاري صحفيا مرشحا من الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية واللاعبين (محمد عباس وعلي كاظم وكرار محمود وامير صباح ومصطفى محمد معن وسيف حاتم وجاسم محمد وامجد عطوان ومصطفى محمد جبير وحيدر ساري ومصطفى علي وعمار عبد الجليل ومحمد حسن وياسر عمار وكرار فالح وصفاء هادي وعلاء عباس واحمد جلال واياد كريم وحسن عاشور وسجاد جاسم واحمد عبد الرضا) .
غادرت الطائرة العائدة لشركة فلاي دبي مطار اربيل في الساعة العاشرة والنصف صباحا ووصلنا دبي في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر ، وكان علينا الانتظار لمدة تسع ساعات كاملة ( ترانزيت ) في المطار قبل الطيران الى دوشنبه ، وهو وقت طويل وعادة ما تقوم شركات الطيران بتوفير فنادق لسكن ركاب الطائرة اذا تجاوزت مدة الترانزيت السبع ساعات ، لكن هذه الشركة الغريبة ليس لديها هكذا سياسة ، كما انها من الشركات القليلة في العالم التي تقدم الضيافة للمسافرين من طعام وماء لقاء اجر .
انتشر اعضاء الوفد في اروقة المطار فمنهم من اختار التجول في السوق الحرة ومنهما من ذهب للجامع الصغير للاستراحة واكثرهم اختاروا تصفح الانترنت في اجهزة الموبايل رغم ان الانترنت المجاني في المطار كانت مدته ساعة واحدة فقط .
اخترت زاوية في المطار وفتحت ( اللابتوب ) الخاص بي لاتصفح الانترنت واطلع على اخر الاخبار لكنني فوجئت بانه توقف عن العمل وليس هناك سوى شاشة سوداء ، حاولت مرارا تشغيله ولكن بلا جدوى مما اثار استغرابي حيث انه كان يعمل بشكل طبيعي في صباح نفس اليوم في اربيل ، بعدها اتضح لي بان اجهزة الفحص العائدة للمطار ( السونار ) قد دمرت برنامجه التشغيلي ، وكان امرا صعبا للغاية عليّ ، فكيف ساقوم بارسال اخبار الوفد ونشاطاته خاصة وان ايّ من اعضاء الوقد لم يكن قد جلب معه ( لابتوبا ) ، فقد اصبحت مثل الجندي الذي يدخل لارض المعركة بلا سلاح .
منغصات في مطار دوشنبه
حلقت طائرة فلاي دبي في السماء في الساعة العاشرة والنصف مساء حاملة على متنها وفود ثلاثة منتخبات هي العراق والبحرين وجزر المالديف ، ووصلنا مطار دوشنبه في الساعة الرابعة والنصف فجرا ، وكنا نتوقع ان نجد عددا من المسؤولين في انتظارنا خاصة وان البطولة يشرف عليها الاتحاد الاسيوي لكرة القدم ، لكننا فوجئنا بعدم وجود اي شخص بانتظارنا ، وكانت هناك اجراءات معقدة من موظفي المطار استغرقت وقتا طويلا ، وكنت اقرا حالة الارهاق الشديد على وجوه اللاعبين وبقية اعضاء الوفد ، والغريب ان منتخب البحرين قد سمحوا له بالدخول بسرعة قياسية حتى اننا لم نر
ايا منهم في القاعة الصغيرة التي حشرونا فيها مع منتخب جزر المالديف .
بعد انتهاء اجراءات الدخول ودفع الرسوم اتجهنا الى الخارج حيث كانت هناك حافلة وسيارة صالون للسيد رئيس الوفد بانتظارنا مع اثنين من المرافقين هما مهريز وعزيز ، وعند وصولنا فندق طاجيكستان ( طاجيكستان هوتيل ) كانت الساعة تشير الى الخامسة والنصف فجرا والجميع كان تواقا لانهاء اجراءات استلام الغرف بسرعة والخلود الى النوم واخذ قسط من الراحة بعد ان تجاوزت مدة الرحلة 21 ساعة .
ثلاثة وفود بادارييها ولاعبيها وصلت الفندق في وقت واحد مما ولد ارباكا كبيرا لدى ادارة الفندق التي – كما يبدو – لم يسبق لها ان تعاملت مع هكذا عدد من النزلاء مرة واحدة ، ولذلك تاخر تسليم الغرف الى ما بعد الساعة السادسة صباحا ، اما ما يخصني كوني لست مضيّفا كبقية اعضاء الوفد ويجب ان اقوم بحجز غرفة ودفع اجورها البالغة 260 دولارا لليلة الواحدة ( قبل ان يتم عمل تخفيض خاص لنا واصبح المبلغ 150 دولارا ) فقد كان امري اكثر تعقيدا حيث تاخرت لمدة اطول وكانت جهود اداري الوفد عمار زهير كبيرة في اتمام حجز الغرفة لي .
استيقظت من النوم في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر واتجهت الى صالة الفندق لاجد الجميع بانتظار وجبة الغداء بعد ان تخلف الجميع عن وجبة الفطور ، ووجدنا بان السيد حميد محسن ( ابو رجوة ) الطباخ المرافق للوفد قد اعدّ طعاما عراقيا شهيا بعد ان قام بشراء كميات كبيرة من اللحوم و المواد الغذائية من مدينة اربيل وشحنها في الطائرة ، وهذا الرجل كانت له بصمات كبيرة فيما تحقق للفريق من انجاز بعد ان ادى واجبه بشكل مثالي وجعل الجميع يشعر وكانه يتناول الطعام في بيته وليس في مدينة تبعد الاف الكيلومترات عن العراق .
وحدة تدريبية اولى
الكابتن عباس عطية قرر ان يكون موعد الوحدة التدريبية الاولى في الساعة السادسة مساء بتوقيت دوشنبه ( الرابعة عصرا بتوقيت بغداد ) وهو الموعد المحدد لمباراتنا الاولى امام طاجيكستان بعد يومين، لكن مرافق الوفد اخبره تعذر ذلك لعدم وجود اضواء كاشفة في ملاعب التدريب ، ولذلك تم تقديم موعد الوحدة التدريبية الى الساعة الرابعة عصرا .
اقيمت الوحدة التدريبية على ملعب ذي ارضية صناعية ، وكان اندفاع اللاعبين كبيرا باداء مفردات الوحدة التدريبية وتوجيهات الطاقم التدريبي للفريق ، وخلال ذلك لاحظ الكابتن عباس عطية شخصين يراقبان التدريبات من خلف احد الاسيجة فطلب مني – كوني اجيد اللغة الانكليزية – الطلب من مرافق الوفد مهريز باخراجهما .
بعد انتهاء التدريبات عدنا للفندق فوجدت نفسي اعاني من ارتفاع كبير في درجة الحراة وحرقة في البلعوم مع سعال بسيط ، ثم تناولت طعام العشاء واتصلت بعائلتي لاصدم بخبر وفاة احد اولاد عمي وخال اولادي مما ادخل حزنا عميقا في نفسي ولكن لاحول ولا قوة الا بالله العليّ العظيم
No comment