بقلم قاسم حسون الدراجي
في عام 1985 اصدر الكاتب الكولمبي غابريل ماركيز روايته الشهيرة ( الحب في زمن الكوليرا ) والتي تحكي اصرار العاشق على الوصول لهدفه في الزواج من حبييته على الرغم من بلوغهما السبعين عاما حيث تقدم لخطبتها في يوم وفاة زوجها مما يجعلها تطرده بكيل من الشتائم ولكنه لايفقد الامل ويستمر في كسب صداقتها بطريقة عقلانية فيتصادقان مع تشجيع ابنها الذي يفرح لان امه وجدت رفيقا من عمرها ويتفاهم معها . لااريد ان اطيل عليكم في سرد احداث الرواية ولكن اخترت هذا الجزء البسيط من كتابات ( ماركيز ) الحائز على جائزة نوبل للاداب لان هذه الرواية واحداثها وشخوصها والظروف المحيطة بهم تتشابه الى حد بعيد مع ظروف المنتخب الوطني بكرة القدم وهو يعاني من مطرقة الاعلام والجماهير والاتحاد ومطالبتهم بتعويض هزيمتي استراليا والسعودية وبين سندان الظروف الصعبة التي يتجمع فيها اللاعبين سواء المحليين منهم او المحترفين في الخارج او المغتربين , وصعوبة تأمين مباراة ودية واحدة قبل لقاء الكومبيوتر الياباني بعد تسعة ايام في طوكيو . بل ان المنتخب الوطني يعيش حالة من ( التخبط ) في تشكيلته او في دعوة بعض اللاعبين وابعاد اخرين . وانشغال القسم الاكبر منهم في مباريات الدوري او في بطولة الاتحاد الاسيوي مع فريق القوة الجوية الذي يضم اكثر من خمسة لاعبين اساسين والذي خاض يوم امس مباراة الاياب امام العهد اللبناني
ان المنتخب الوطني والكرة العراقية تعيش حاليا في زمن الكوليرا . الكوليرا التي وضعتنا في ترتيب دولي واسيوي مخجل لم تطأه اقدام كرتنا العراقية من قبل . كوليرا غياب اللاعب الهداف وغياب فوزالمنتخب الوطني في سبعة مباريات متتالية , كوليرا تسمية المدربين ومساعديهم بوصايا السلاطين ورنة الموبايل وفوهة المسدس . كوليرا تدخلات المحسوبين على جماهير الكرة في عمل الادارات والمدربين وفرض سيطرتهم (بالقوة وبالمروة ) , كوليرا مشاكل النقل التلفزيوني التي حرمت جماهيرنا من عدد كبير من مباريات الادوار الثلاث التي مرت , كوليرا بعض المحسوبين على الاعلام والصحافة الرياضية وقد اصبحوا مكاتب للدلالية والاعلان والتزويق والتلميع تحت شعار ( ادفع زايد تاكل زايد ) كوليرا التهميش والتغييب للكفاءات والخبرات المتخصصه في العمل الاداري او الفني او المالي . كوليرا الفساد المالي وغياب النزاهة وموت الضمير والحس الوطني عند بعض القائمين عليها .
كل ذلك وغيره رسم امامنا صورة قاتمة ونظرة تشاؤمية لمستقبل الكرة العراقية التي نتمنى ان ننظر اليها بعين التفاؤل من خلال طاقات الشباب والناشئين والاشبال . ومن خلال الاصرار والعزيمة لشنيشل ومساعديه على تحدي كل ذلك والخروج من عنق الزجاجة واعادة جزء من هيبة الكرة العراقية ونحن على ثقة تامة انهم وابنائهم اللاعبين قادرين على تخطي وتجاوز تلك العقبة ورسم البسمة على شفاهنا ( المتيبسة ) . كما فعلها العاشق الكولمبي , وسيثبت لاعبونا ان حبهم وعشقهم للعراق والكرة العراقية اقوى واشد من كل الظروف وستخرج كرتنا العراقية سالمة غانمة معافية من الكوليرا وتنطلق في سماء الكرة العربية والاسيوية والدولية وسيكتب ابنائها تاريخا جديدا وعنوانا اخر .
No comment