
السويد- د.علي الحسناوي/ صحيفة الرياضة العراقية
والثروة هنا لا تعني المال بقدر ماتعني ايضاً تخمة النجوم وقدرات القيادة ومقومات الاسناد التعبوي وراحة البال. لكل جواد كبوة,
ولكن لا يصح المثل إلا حينما يفقد الفارس مقاليد السيطرة على جواده. أصدقكم القول بأني لا أعوّل كثيراً على أهمية عاملي الأرض والجمهور في تحقيق الفوز، والحقيقة تقول أن هنالك الكثير من الفرق الكبيرة خسرت على ملعبها وبحضور جماهيري كبير أمام فرق أقل منها شأناً من الناحية الإعلامية. كرة القدم لاتؤمن بالتأريخ السابق لهذا النادي أو ذاك المنتخب، ولا بخطط المستقبل لما سيكون عليه الأمر فيما بعد الفوز، كون أن لكل مباراة طبيعتها وتغيراتها الخاصة. وهنالك عوامل غير مرئية للمدرب قادرة على قلب توقعات أعتى المدربين حينما تظهر فجأة خلال التسعين دقيقة من عمر المباراة. ولكن لخسارة اربيل العديد من الجوانب المشرقة ذات الانعكاسات الطيبة على الواقع المستقبلي للكرة العراقية. أولها أن الكرة العراقية تمكنت من حلحلة طوق الحصار المفروض عليها ولم تزيحه تماماً حيث أن المنطق يقول أن كسر الحصار النهائي يأتي بعد أن تكون هنالك مباراة حقيقية بين منتخب العراق الوطني واحدى المنتخبات الأوربية في ملعب العاصمة بغداد. وهنا فقط تتحقق نعمة الأمن من وجهة نظر الاطراف الأخرى غير العراقية وبالتالي دخول الكرة العراقية في منعطف جديد. وثانيهما أن أربيل نجحت وبدرجة عشرة على عشرة في تحقيق كافة عوامل التنظيم الاداري لهذه المباراة وهو ما أثنى عليه الفريق الكويتي وكل من تابع المباراة. أما الثالثة فهي تلك الحميمية الرائعة التي كان عليها الجمهور العراقي الأربيلي قبل واثناء وبعد المباراة كما شاهدناه عبر النقل التلفزيوني وأيضاً كما نقله الينا العديد من الإعلاميين الذين تواجدوا ميدانيا في ملعب المباراة.
نحن نعي تماما أن اللاعبين هم أدوات المدرب الأولى ولكن ليس بالنسبة الكاملة وذلك فيما لو آمنا بحرية الللاعب في التصرف وفقا لحالات خاصة جدا وخارج توجيهات المدرب غير الصارمة. ومن هنا فإن مباراة أربيل ـ الكويت كانت صراع بين مدربيّن يفقهان الكثير في كرة القدم، إلا أن مدرب نادي الكويت الكويتي تمكن من استغلال لاعبيه بشكل أفضل بكثير من توجهات الكابتن ثائر أحمد وخصوصا طريقة تعامله مع البدلاء الذين تمكنوا من أن يحسموا النتيجة خلال الربع ساعة الأخيرة من زمن المباراة، بل وكادوا أن يعززوا رصيدهم من الأهداف بهدفٍ ثانٍ، وكل ذلك كان يحدث أمام تسرع نادي اربيل وخضوعهم لعوامل الضغط الزمني في تشتيت الكرات التي سنحت لهم من انصاف الفرص نتيجة لسوء التركيز وعدم جودة التهديف، وهو ماكنا قد ركزنا عليه في مقالات سابقة. لنعترف أن موقع اللاعب المعاقب لؤي صلاح كان فارغاً ولست أعلم أن كانت عقوبة هذا اللاعب شخصية أم فرقية، فهي إن كانت شخصية نتيجة لتصرف فردي طائش فكان بالامكان احتواء الأزمة، وهنا لابد من التركيز على غياب المرشد النفسي المتخصص للاعبين. أما إذا كانت فرقية، أي ذات تأثير على كرة النادي، فالأمر لله سبحانه. ومهما يكن الأمر فإنني أعتقد أن لاعبي أربيل ومدربهم لم يُحسنوا تقطيع زمن المباراة والعمل على امتصاص رغبة الفوز لدى نادي اربيل خلال الشوط الأول، بل والعمل على تحقيق هدف السبق من خلال استغلال المساحات الفارغة التي تركها نادي الكويت من خلفه نتيجة لتقدمه غير محسوب العواقب. وما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال هو افتقاد نادي اربيل التام لكيفية استلام الكرة، المقصود الاستلام بطريقة التصرف القادم أي الاستلام بهدف المراوغة أم التهديف أم المناولة، وهي حالة تدريبية خاصة يجتهد الكثير من المدربين في العمل عليها وتطويرها ابتداءاً من رحلة اللاعب الأولى في قطاع الفئات العمرية. لا يعني هذا أن اربيل لم تقدم كرة جميلة خلال زمن المباراة ولكن القاعدة العلمية الكروية تقول أنه لايُمكن لأي مدرب من الفوز نتيجة لتخمة فريقه بالنجوم مهما علا كعبهم وتنامى رصيد تعاقدهم، إذ أن الأمر كله يتعلق بطريقة توليفة العمل من حيث تحقيق الانضباط الخططي والأمن النفسي والاستثمار الأمثل للبدلاء. للأسف شاهدنا الكابتن ثائر شخصيا منفعلاً وهو يلوح بسببابة اصبعه بوجوه اللاعبين عند اقترابهم منه لتنفيذ الحالات الثابته وتنفيذ الرمية الحرة، وهو ما يعني انتقال هذا الشد العصبي من المدرب الى اللاعبين بكل سهولةٍ ويًسر. وشاهدنا اللاعبين ممتعضين من بعضهم البعض كلما ضاعت فرصة للتسجيل نتيجة للتصرف غير السليم بالكرة. وعلى العكس من ذلك شاهدنا الطمأنينة الكويتية على وجوه اللاعبين والطاقم التدريبي والتي اسهمت حقيقة في تحقيق الفوز. في علم النفس الرياضي العديد من المؤشرات التي تؤمن بسلبية النتائج على اللاعبين والمدربين نتيجة لخروج المد الإعلامي عن حده المعقول خصوصاً ونحن نتعامل مع لاعبين لم يصل مستوى ثقافتهم النفسية والاجتماعية والمهنية الى الدرجة التي تمكنهم من تجاوز عوامل الضغط الإعلامي ومؤثرات التشجيع بالمكآفئات المادية وطبيعة أهمية حضور القادة والمسؤولين لمثل هكذا مباريات.

1 Comment