** بعد أن افتقدنا لبدر الثلاثاء في العراق وجدناه متألقاً في الدوحة يوزّع الحب على العراقيين ..
** جلسة حوارية أدلى فيها ألبدري بدلوه بصراحته المعهودة حوت الدروس والحكم ..
** زيكو ليس رجل المرحلة ويجب أن يتفرّغ للعمل مع الكرة العراقية ويتواجد في العراق !
** فرصة الكرة العراقية كبيرة في بلوغ بلاد السامبا رغم تقارب مستويات فرق آسيا !
** الكرة العراقية ليست الأفضل حالياً على الصعيد الآسيوي ولكنها تبقى صاحبة حضورٍ مميّز متى ما تكاتفت الجهود !
** الجيل الحالي يبحث عن خاتمة مشرّفة وهذا حقّه الطبيعي وهو ما ساهم بتحقيق ما نراه من نتائج ..
** أدعو زيكو لكي لا يحرق المواهب الشابة ومنحهم الفرصة في توقيت وظرف مناسبين !
** تركت برنامج الرياضة في أسبوع برغبتي وأقرب المقربين مني لم يكن يدري بوداعي لجماهيري في آخر حلقة ! ** على الجميع أن يستثمر كرة القدم ويسخّر حب العراقيين لها من أجل العراق ..
** طموحنا للمستقبل أن يكون في العراق بنية تحتية رياضية متينة ..
قبل(19) تسعة عشر عاماً تقريباً كتب لي أن ألتقي بشيخ القلم والمايكروفون والشاشة الفضية العراقية المعلّم القدير مؤيّد ألبدري ، ذلك الرجل الرائع الذي ضيّفناه في جلسة من جلسات (المجلس الرياضي) البرلمان الذي كان يتدخّل ويناقش كل شيء في الرياضة العراقية .. في تلك الجلسة حضر ألبدري وكان يضع على كتفيه (قبّوطاً) مطرياً أزرق اللون وتحته كانت (بدلته) الشهيرة التي تعوّدنا عليها عندما كان يطل ألبدري علينا في أمسية كل ثلاثاء وتحديداً في التاسعة مساءً .. وقف بقامته الشامخة كشموخ نخل العراق على منصّة الحديث مستعرضاً المشروع الذي كان يحمله وهو إنشاء قناة رياضية عراقية متخصصة لما لذلك من أهمية في وقتها كون العراق قد دخل تحت ضغط الحصار الشامل بسبب أحداث الثاني من آب (1990) وما تلاها .. كان ألبدري يتحدّث بصوته العذب الذي لم أستمع لمثله حتى الساعة .. أجل نكهة صوت ألبدري لم أجد ما يماثلها أو حتى يقترب منها لا تقليداً ولا حتى (شبهاً) وكم كانت دهشتي كبيرة عندما انقطع الكهرباء في صالة الاجتماع التي كانت في معهد إعداد القادة ، حيث واصل أبا زيدون حديثه وكأن شيئاً لم يحدث لتبقى ذات الأصالة والنقاء في صوته الرخيم رغم تنويه الرجل بأنّه مصاب بنزلة برد !! كان ذلك اللقاء هو اللقاء الأخير لي مع القامة الباسقة في ميادين الإعلام المختلفة قبل أن يتجدد هذه المرة ولكن أين ؟ في الدوحة وأثناء منافسات الدورة الرياضية العربية التي اختتمت مؤخّراً حيث ضمّتني وألبدري أكثر من جلسة مع الكثير من أبناء العراق من الرياضيين المغتربين وأثناء تلك الجلسات ذكّرت أبو زيدون بآخر لقاء كان بيننا وأخبرته بأني سأقوم بتسجيل الكثير مما سيتحدّث به ليكون أشبه بلقاء أضعه على صدر صفحات صحيفة الرياضة العراقية فوافق الرجل لأنّه يعلم بأن ما ستخوض فيه بجلساتنا لن يخرج عن الشأن الرياضي العراقي ..
قبل أن أخوض بما دار بيننا وبين ألبدري دعوني أضع بين أيديكم هذه السطور لأعرّف بشخصية رياضية إدارية علمية إعلامية صحفية اتفق على حبّها الجميع .. ** من هو مؤيّد ألبدري ؟ ولد مؤيّد عبد المجيد ألبدري في (21/11/1935) في بغداد الأعظمية منطقة السفينة وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسّطة والإعدادية في العاصمة قبل أن يلتحق بكلية التربية الرياضية /جامعة بغداد ويتخرّج منها عام (1957) وكان الأول على دفعته ليتم تعيينه مدرّساً في إعدادية الأعظمية ولم يمض عليه سنة في التعيين حتى أعيد إلى مقاعد الدراسة من جديد ليرسل في بعثة علمية إلى أمريكا وتحديداً في كلية سبرنك فيلد بولاية ماسا تشوست وهناك حصل على شهادة الماجستير ليحجز له مكان في كلية التربية الرياضية في جامعة بغداد للعمل كمدرّس فيها ولتتم ترقيته إلى أستاذ مساعد ثم أستاذ حتى أحيل على التقاعد وتركه العراق للعمل في قطر وتحديداً استقراره في النادي العربي .. كانت وستبقى للبدري سيرة ذاتية مشرّفة إذ ورغم انشغاله في الحقل الإعلامي (المرئي والمسموع) كمقدّم ومعد برامج ومعلّق كروي حمل الرقم (واحد) ولحد الآن إلا أنّه تقلّد مناصب عديدة منها عمله كمدير للرياضة المدرسية ورئيساً لتحرير جريدة الملاعب التي كانت تصدر عن الاتحاد العرقي لكرة القدم وكان قبل ذلك قد عمل محرراً للصفحة الرياضية لمجلة سينما (1956) ثم دخل التلفزيون العراقي مع برنامجه الشهير والأثير الرياضة في أسبوع وكان ذلك في العام 1963 ولم يتركه حتى العام 1993 عندما ودّع مشاهديه ومحبيه الذين كانوا يترقبون طلّته البهية ومن المفارقات أن هذا البرنامج ورغم شهرته في بغداد في يوم الثلاثاء إلا أنّ شهرته كانت يوم الخميس في مدينة الموصل حيث كان البرنامج يبث في بغداد الثلاثاء ثم يسجّل ويرسل إلى الموصل ليعرض مساء الخميس حتى كان البث المركزي المباشر !! وكان العام (1963) هو ذاته الذي شهد عمل ألبدري كمعلّق كروي بعد أن منحه الفرصة من قبل المعلّق إسماعيل محمد وكان ذلك في القاهرة .. تقلّد مناصب إدارية عديدة وكبيرة في الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم حتى أضحى رئيسا له في إحدى الدورات، كما أنه كان عضوا في الاتحاد الدولي لكرة القدم (ألفيفا) منذ عام (1978) ولغاية عام (1982) ورغم تركه للمنصب بظروف لا مجال لذكرها إلا أنّه بقي يزاول عمله في الاتحاد الدولي حتى عام (1984) وتسلّم عدّة مناصب في الاتحادين الآسيوي والعربي لكرة القدم وإتحاد الإذاعات العربية وكان أيضاً رئيساً للقسم الرياضي في جريدة الثورة ونائباً لرئيس تحرير جريدة البعث الرياضي وكاتباً في العديد من الصحف العراقية التي كانت تتشرّف بتواجد ما تجود به أنامل ألبدري الذي سبق له أيضاً أن ولج عالم التحكيم الكروي وكانت أثناء تعليقه على المباريات يعطي رأيه ألتحكيمي ويحلل أداء الحكّام بطريقة أصبحت لازمة له ..
هذا جانب من سيرة العملاق ألبدري الذي وجدته يسير أمامي وأنا غير مصدّق أن الزمن قد فعل فعلته معه وسيفعلها معنا أيضاً .. كانت خطوات سيره بطيئة جداً وبالكاد تحمله القدمين اللتين كثيراً ما ساعداه ليطوف أرض العراق من أقصاه إلى أقصاه لينشر قواعد كرة القدم الصحيحة وكذلك الدول الكثيرة التي زارها عبر رحلتي العمر والعمل مع الأثيرة (كرة القدم) .. خطوات متثاقلة لم يعبأ بها أو بتعب الساقين ليقف بيننا في الفندق يسلّم على هذا ويتحدث مع ذاك وكلّنا نشوة بما يدور من حديث ، كيف لا وألبدري هو سيّد الجلسة .. ولأنّه الماء عندما يحضر يبطل التيمم كانت لي بعض الأسئلة لأبي زيدون فقلت له …
** كيف ترى واقع الكرة العراقية وماذا تتوقّع لها ؟
أجاب ألبدري وكأنّه يلقي محاضرة قيّمة لأنّ جميع من كان يجلس معنا قطعوا الأحاديث الجانبية وراحوا ينصتون .. فأردف التخطيط السليم والاهتمام بالقاعدة وإيجاد البدائل التي تبقى تحت اليد لتكون خير معين للكرة العراقية التي لا تشكو من توفّر المواهب وهذه ميزة الكرة العراقية أنّها تلد كل يوم وهذا يجعلنا لا نخاف عليها من الديمومة وأذكّر عندما كنّا في الثمانينيات نمتلك عدّة منتخبات رديفة للمنتخب الأول وكان كل منتخب بإمكانه أن يأخذ مكان المنتخب الأول .. حالياً الدولة تقدّم الدعم وكل ما نحتاجه هو العلمية وتسخير ما موجود بطريقة مثالية تساهم بعودة كرتنا إلى سابق عزّها ومجدها ومن يقرأ تاريخ الكرة العراقية سيجده مفخرة لكل الأجيال لأننا تأهلنا إلى نهائيات كأس العالم وشاركنا في الأولمبياد أربع مرّات وحصدنا ألقاب عربية وآسيوية وعسكرية كثيرة وحتى على مستوى الشباب كان التميّز حاضراً ، لذا لابد من إدامة هذا التاريخ وتعزيزه ..
** أستاذ مؤيّد وجدناك متألماً عقب خسارة المنتخب العراقي أمام البحرين مع أنّها ليست الخسارة الأولى ومن تحمّل مسؤولية الخسارة أهو الاتحاد أم زيكو وهل لدينا حظوظاً بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم في البرازبل ؟
العمل في أي مكان يجب أن تجتمع فيه عناصر أحدها يكمّل الآخر وسأبدأ من الاتحاد الذي لابد له أن يعيد ترتيب أوراقه ويتعامل بجدية مع كل المتغيّرات ويحتضن الجميع تحت لوائه طالما كان ينشد الأفضل للكرة العراقية .. نعم أن شخوص الاتحاد الذين يعملون حالياً هم ذاتهم من كانوا يعملون في السابق ولم يخرج منهم سوى حسين سعيد مع بعض الأسماء الجديدة إلا أننا لم نشاهد منهم ورقة عمل وتخطيط للحاضر والمستقبل والدليل هو ما حصل في المشاركة بالدورة العربية ، حيث رأينا أن المدرب زيكو والذي سبق له أن صرّح بأنّه قادم من أجل الفوز بذهب الدورة العربية راح يجرّب في بطولة كنّا الأحوج للفوز بها لتعزيز ثقة اللاعبين بأنفسهم أولاً وإسعاد الجماهير العراقية التي تتوق لفرحة ، وخذ مثلاً .. نحن جميعاً تجدنا نتابع المنتخبات العراقية وما تحققه يخفف عنّا ألم الغربة فما بالك بمن هم داخل العراق وهم يترقبون شيئاً من أهل الكرة .. وأزيد لو فاز منتخبنا الكروي بوسام الذهب في الدورة العربية لن نجد من ينتقد أي فرد في الوفد العراقي .. هذه هي أهمية كرة القدم ..
أعود لزيكو وأقول لا يجوز له أن يجرّب في بطولة لها ثقلها وحتى إن كانت ودّية لأن التجريب يجب أن لا يكون على حساب سمعة الكرة العراقية وهذا ما حصل حيث سيسجّل التاريخ أن المنتخب البحريني حقق أكبر نتيجة على المنتخب العراقي وكانت (2 _ صفر) ولن يقول أحد أن المنتخب الثاني أو الثالث للعراق هو من شارك ! مثلما الحاضر مهم يجب أن يكون المستقبل والتاريخ لهما نسبة من الأهمية .. زيكو لحد الآن غير مستقر مع الكرة العراقية وهو لم يختر أيٍ من اللاعبين وهذا عرفناه حسب التصريحات ، ترى كيف لمدرّب يقنع بما يتم اختياره له وهو بعيد ثم يأتي ويقود منتخباً له تاريخ مثل المنتخب العراقي ؟ أشياء كثيرة ومفاهيم أكثر يجب أن تتغيّر وإلا ستكون الكرة العراقية في موقف لا تحسد عليه !
** طيب بصراحتك المعهودة كيف ترى زيكو وماذا أضاف للكرة العراقية ومنتخبها الأول وهل تجد أن الكرة البرازيلية إتباع مدرستها هي الحل لنا ؟
لحد الآن لم أجد أي إضافة من زيكو على ما أعرفه عن المنتخب العراقي ، فأنا أتابع هذا الفريق منذ مدة طويلة ومجموعة اللاعبين هي التي تقدّم العطاء وتتصرّف بتلقائية نتيجة الخبرة التي اكتسبتها عبر السنوات الماضية وأيضاً حالة التفاهم الموجودة بين اللاعبين بسبب لعبهم لمدة طويلة مع بعضهم جعلهم يجتهدون ويبتكرون وهو ما شاهدناه في مبارياتهم التي جرت في المرحلة الثانية من رحلة الصعود إلى نهائيات كأس العالم في البرازيل .. النتائج كانت جيّدة نعم وحتى عند الخسارة الأولى بداية المشوار مع الأردن وهذا لا يحسب لزيكو لأنّ ذات الأخطاء كانت تتكرر في المنتخب رغم حالات الفوز .. نريد فكراً وطرائق لعب جديدة تؤكد أن لزيكو بصمة وليس أن يكون تواجده كما المسافر الذي يحتاج (لترانزيت) للانتقال إلى من مكان إلى آخر .. الرجل غير متفرّغ وهذا على ما أظن سيبقى كذلك لفترة طويلة لذا لابد من الحسم وإجبار زيكو على التفرغ للمنتخب العراقي الذي أجده قريباً من التأهل إلى البرازيل ليس لأنّ الكرة العراقية هي الأفضل الآن في الساحة الآسيوية ، بل لأن أغلب دول آسيا ليست بمستواها المعروف عنه أي أن الحظوظ متاحة للجميع وليس هناك أفضلية طاغية لأي فريق .. نعم قد تكون هذه الحالة فيها صعوبات لتقارب المستويات ولكن يبقى لنجوم الكرة العراقية حافز هام وهو وضع خاتمة مشرّفة للكثير منهم ، وأعتقد تحقيق حلم الصعود إلى كأس العالم سيكون خير ما يختتم به عدد كبير منهم مسيرته المتألقة لأنّ هذه المجموعة نالت أغلب الألقاب وشاركت في معظم البطولات وبقي حلم الصعود الذي تعثّروا فيه عدّة مرات .. على اتحاد الكرة أن يفكّر بجدية وعلمية لكي لا يفرّط بانجاز ممكن يكون متاحاً لنهضة كروية عراقية ومن يطالع التاريخ سيجد أن مباراة العراق وإيران للشباب (1977) هي من أشعلت الطموحات وصنعت الكرة العراقية في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي …
** يبدو من كلامك أنّك غير راضٍ عن زيكو ؟
لا أنا لا أقول بأني غير راضٍ لأن للرجل مكانة وسمعة كلاعب وهذا لا ينكره أحد ولكن بذات الوقت مسيرته كمدرّب لم تختمر لأنّ تجربته كانت مع الكرة اليابانية وكلنا نعلم أن اليابانيين يطبّقون خطّة عمل للمستقبل وهم يسيرون وفق تخطيط كان من بين حلقاته تواجد زيكو كاسم له تاريخه ، ثم أن العمل في اليابان ليس كالعمل في العراق وأسأل هل ترضى أيٍ من الدول أن يتواجد معها مدرّب غير متفرّغ للعمل وتدفع له كل ما يطلبه ؟ الجواب لا ، لأنّ سمعة البلدان يجب أن تصان ، أعود لزيكو وأقول أن التجريب ممكن يحدث في مباريات دولية ودية عالية المستوى وحتى في مثل هذه المباريات يجب أن يزج باللاعبين الجدد بشكل مدروس لكي لا يصاب اللاعب الجديد بصدمة وهو ما اعتقده قد حصل لمجموعة اللاعبين في الدورة العربية ، حيث كان لابد من عناصر الخبرة وهو ما فعلناه عام (1985) في بطولتي كأس العرب في السعودية والدورة العربية في المغرب ونلنا لقب البطولتين وكنّا في ذات الوقت نشارك بتصفيات كأس العالم المؤهلة للمكسيك .. أكرر نريد أن نرى بصمة زيكو التي لم تتضح بعد وبعكسه أقول بأنّ زيكو ليس رجل المرحلة وهذا القول لا أطلقه جزافاً بل من خلال خبرتي التي جعلتني وعبر هذا العمر أفرز الغث من السمين .. ويمكن بالمبلغ الذي دفع إلى زيكو أن نهيئ أرضية صلبة عبر تطوير قابليات مدربينا الذين لا يقلّون قدرة ومكانة عن زيكو وكثير منهم يتفوّقون عليه ولكن يبدو أن الاتحاد أراد أن يستفيد من اسم وشهرة زيكو في هذه المرحلة ! كما أني أريد أعلم كيف لمدربٍ لا يتواجد في بلد يستطيع أن يعرف كل شيء عن كرة ذلك البلد ؟ وزيكو ذهب إلى العراق لتوقيع العقد ثم حمل أوراقه واتجه إلى الخارج . يجب أن يكون متواجداً في العراق ويتابع الدوري بعيونه هو لا بعيون الآخرين كما أن وجوده سيحفّز اللاعبين الشباب لتقديم العطاء لكي يلفتوا انتباهه وبصراحة لا أعلم لما لا يستطيع اتحاد الكرة حسم هذا الأمر طالما فيه صالحه وصالح الكرة العراقية ؟
** هل من طموحات لمؤيّد ألبدري للعمل على رأس الهرم الكروي وهل هناك موعد للعودة إلى العراق ؟
نحن وصلنا إلى محطة لا نتطلّع من خلالها إلى أي مكان ولكننا في ذات الوقت لا نبخل بالمشورة وتقديم العون وسيجدنا الجميع من الناصحين لأن اسم العراق فوق كل الأسماء والمسمّيات ونحن دائماً بخدمة الجميع ، ولكن من ذا الذي سيتقرّب ويأخذ من خبراتنا المتراكمة ؟ كما أن الوضع الصحي الكروي في الوقت الحالي لا يسمح بالعمل ومن هنا أدعو الجميع لرفع حالة التسامح إلى أقصى حدودها وترك المشاكل أو من يفتعلها لأننا نريد نهضة كروية حقيقية تحتاج لتكاتف الجهود ، وأيضاً يجب عدم إغفال الاهتمام وبشكل استثنائي بالبنية التحتية التي أصبحت هي عصب الحياة الرياضية وما نعجز عن تحقيقه في المجالات الأخرى يمكن لنا أن نناله عن طريق الرياضة والكرة بشكل خاص ، هكذا يفكّر العالم المتطلّع للتقدّم ، ليضع الجميع أيديهم بأيدي الحومة التي أجدها تصرف الآن وبشكل كبير ولكن لابد من أن يكون التخطيط حاضراً بدلاً عن العشوائية لكي نرى ناتجاً نفخر به اليوم وأجيالنا في المستقبل … ولا طموحات للبدري في أي منصب لأني بالكاد أؤدي ما عليّ من مسؤوليات هنا وأبقى أتوق إلى العراق وأدعو الله أن يعيد إليه الأمن والأمان لكي يلتئم الشمل من جديد ويتعالى البنيان الذي نحلم به …
** عندما تحوّلنا بالحديث نحو برنامج الرياضة في أسبوع أشهر برنامج عراقي عربي ؟
استذكر ألبدري تلك الرحلة التي انطلق فيها قبل أكثر من (47) عاماً وراح يعدد الأسماء التي عملت معه أو عمل معها بكل حب وكأنّه يتغزّل بهم وبتلك الأيام ونفى أن يكون قد أجبر على ترك البرنامج أو إلغاءه وقال .. أنا من قرر أن يكون الوداع عبر الحلقة الأخيرة ولم أكن قد أعلمت أحد بساعة الوداع لأني شعرت بالتعب وأيضاً كنت أريد أن أختار الوقت المناسب لكي أبقى كما أنا في ذاكرة العراقيين وخلال تلك الحقبة كسبت الكثير.. الكثير من الأصدقاء والمعارف وأحمد الله بأني دخلت وخرجت وبقيت كما أنا محبّاً للجميع والدليل ها نحن اليوم نتحدث عن البرنامج واستعرضنا الكثير من الذكريات بحلوها ومرّها .. ولم ينس أبا زيدون أن يوجّه النصيحة للجيل الحالي من المعلّقين أو الإعلاميين وكانت كلماته التي وجدناها كالبلسم لكل شيء تتلخّص بالآتي .. وهي أن يتصف المعلّق بالثقافة العامة ومعرفته الواسعة بقانون كرة القدم وتكون لديه جرأة ورباطة جأش وأعصاب مضبوطة ولباقة حديث وحلاوة وقوّة صوت ممزوج بالعذوبة لأنّ المعلّق مسؤول على نشر الثقافة الكروية إضافة لترسيخ المفاهيم الراقية وتكون له بصمة يقرّها المشاهد واستذكر حالة الركلة الحرة غير المباشرة التي سجّل منها دكلص عزيز هدفاً للشرطة وكيف كان للثقافة الكروية ومعرفة القانون القول الفصل في تناول الحالة ..
رغم أن الحديث الذي كان في الجلسة التي جمعتنا مع أبي زيدون ذو شجون وتناولنا فيه الكثير من الأمور إلا أننا نكتفي بهذا القدر ونعدكم في قابل الأيام أن نضع أشياء أخرى خرجنا فيها من الجلسات التي جمعتنا مع أهم وأبرز شخصية إعلامية عراقية اتفق الجميع على حبّها وتمنى لها كل التوفيق فيما تبقى من رحلة العمل والحياة لأن مدرسة ألبدري التي كانت وستبقى يتطلّع إليها كل عاشق للعمل في مجالي الصحافة والإعلام وحتى التعليق لكي ينهل من المسيرة التي كتبت بحروف من ذهب لرجل فاق بعطائه وتفوّق على الذهب والجواهر النفيسة ، هو بحق جوهرة الجواهر التي تزيّن أثمن (التيجان) الإعلامية فهنيئاً لنا التواجد مع مؤيّد ألبدري المعلّم والمربي والصحفي والإعلامي والمعلّق الذي لم يكن يوماً يفكّر أن يلج هذه المجالات ولكن الصدفة الجميلة وكما قال هو هي من قادته لكي يكون فيها وهنا نحن نشكر تلك الصدفة التي أغدقت علينا وجادت بأبي زيدون ذلك الإنسان الرائع البشوش والمحب لكل ما هو عراقي لأننا وجدناه وهو يلهج باسم العراق كأنّه ولهان وصل إلى حد الثمالة من العشق الأبدي … شكراً للبدري الذي أعطانا كل هذا الوقت ورياضة وشباب الجريدة تفخر أن يتواجد على صفحاتها إنسان أعطى من دون حدود ولم يأخذ سوى الحب والاحترام الأبديين ….

1 Comment