بقلم د.يوسف لازم

لاشك ان مباريات الدوري الممناز الانكليزي تتمتع بنكة خاصة لما تمتاز به من قوة بدنية ورشاقة مهارية وطرائق واساليب تاكتيكية متطورة يقف ورائها خيرة مدربي العالم الذين يتمتعون بالذكاء الميداني وقراءة اللعب وامكانية تحويل الخسارة الى فوز وفق قراءتهم للاداءات المتطورة في اللعب..فالفرق الكبيرة تمتاز بوجود لاعبين محترفين من ذوي المستويات العالية..واليوم شاهدنا مباراة قمة في اللعب والاداء المهاري والخططي..فقد كان فريق تشلسي بقيادة المدرب الايطالي أنطونيو كونتي..اما فريق ليفربول فقد كان بقيادة المدرب الالماني يورجن كلوب..وكل منهم يتمتع بعقلية متطورة في اللعب التاكتيكي والذكاء الميداني في ادارة المباراة وتوجيه اللاعبين واللعب على وفق احدث الخطط وتطوراتها..والكل كان يتوقع القتال التكتيكي سيكون أحد أبرز معالم هذه المباراة .. فـقد عرفت مباريات تشلسي و ليفربول بأنها مباريات تكتيكية من الدرجة الأولى .. وبعد مشاهدة المباراة يجب الاعتراف أن فريق ليفربول قدم مباراة ذات مستوى متطور جدا ظهر بمستوى ارقى من مستوى تشلسي، ورغم أن الجودة الفردية لدى لاعبي تشلسي متوفرة، لكن النظام التكتيكي والرغبة بإثبات الذات واللعب على نقاط القوة جعل المسألة تبدو مختلفة.. فقد ظهر فريق ليفربول محافظاً ومتمكنا لكل خطوة من خطواته، وعارفاً الطريق الأسرع إلى المرمى، وقد كان تركيز كلوب ألاكثر على مسألة نقل الكرة وبناء اللعب بشكل سريع، وغلق منطقة الوسط تماما وهي النقطة التي كان يؤكد عليها المدرب بشكل أكثر في البداية على الهجوم والحسم وهذا تفكيره عبر مسيرته..

فالمباراة بدأت سريعة من كلا الطرفين، والتهديد الأول جاء عن طريق ليفربول عندما سيطر ستوريدج على الكرة خارج منطقة الجزاء وسددها ليسيطر عليها حارس تشيلسي تيبو كورتوا على دفعتين في الدقيقة الثانية، ورغم تناقل لاعبي الفريقين الكرة بسرعة، كان ليفربول الأكثر ضغطا على حامل الكرة، خصوصا في الثلث الأخير من الملعب. وفي الدقيقة 17، افتتح ليفربول التسجيل عندما رفع كوتينيو كرة عرضية وصلت إلى المدافع ديان لوفرين الذي وضعها من اللمسة الأولى على يمين الحارس كورتوا معلنًا تقدم فريقه بهدف نظيف. وواصل لاعبو ليفربول ضغطهم على ملعب تشيلسي وظهروا متحررين من الضغوط وأقوياء من الناحية الذهنية، فتناقلوا الكرة بيسر وذكاء، والعمل على غلق الاطراف تماما على لاعبى تشلسي والعمل على اكبر قدر ممكن لتضييق المساحات بين قلب الدفاع ووسط الارتكاز لغلق العمق بشكل تام ونتيجة لذلك تهيأت كرة من مدافع تشلسي امام اللاعب جوردان هندرسون ليسجل منها الهدف الثانى من تسديدة صاروخية خارج منطقة الجزاء فى الدقيقة 37 من زمن المباراة.. وهو الاسلوب الذي يؤكد عليه يورجن كلوب في تدريبه حيث سجل ليفربول 15 هدفا من خارج منطقة الجزاء بالدوري الممتاز ، أي أكثر بخمسة أهداف على الأقل من أي فريق آخر في الفترة نفسها.

فالمفاجأة الحقيقية في فريق ليفربول هذا الموسم، تكمن في قوة أطرافه عكس ما كانت في الموسم الماضي، وهذا بفضل نشاط المدافع الأيمن “ناثانيل كلاين”، الذي أعطى إضافة هائلة للجهة اليمنى على المستويين الدفاعي والهجومي ، فهو مساند جيد جدًا للاعبي الوسط، ويعرف واجبات مركزه بشكل رائع، والأهم من ذلك أن لياقته البدنية تساعده على القيام بأدواره الدفاعية وكذلك الهجومية على أكمل وجه، كما أنه يُجيد عمل التغطية لحظة فقدان الكرة، والمساندة التكتيكية الرائعة من قبل كل من كلاين، ماتيب، لوفرين، ميلنر، هندرسون، فينالدوم ..

وفي بداية الشوط الثاني سيطر لاعبو تشيلسي على الكرة بشكل أكبر، وقام لاعبي ليفربول بالتراجع في منطقة جزائهم للحفاظ على النتيجة وتكتل لاعبو ليفربول مع محاولة تشكيل خطورة من الهجمات المرتدة، ومن أجل محاولة تخفيف الضغط على الدفاع، أجرى كلوب تبديله الأول في المباراة بإخراج المهاجم ستوريدج وإشراك أوريجي. وازاء هذا الضغط سيطر لاعبو تشلسي على وسط الملعب واشتد الضغط من قبل كوستا والجناحيين وليان وهازارد لكن هذا الضغط لفريق تشلسي أسفر في النهاية عن تقليص النتيجة عندما مرر هازارد كرة بينية في الجهة إلى اليسرى إلى ماتيتش الذي تجاوز نحو منطقة الجزاء وأرسل كرة إلى كوستا الذي اودعها في المرمى في الدقيقة 61 من زمن المباراة..ومن الملاحظ على فريق تشلسي اللندني هو خط الدفاع وهو دون مستوى الوسط وضعف الجبهة اليسرى والتي اتى منها الهدف الاول ..

ويمكن ان تعيد تلك الطريقة الى الاذهان الضعف الدفاعي التي ظهر فيها امام فريق سوانسي ..اضافة الى تراجع المستوى المعهود في الهجوم وخاصة في الشوط الاول..حيث لم يسجل مهاجمي تشلسي اي خطورة تذكر على مرمى ليفربول.. في حين ان قوة فريق ليفربول كانت تكمن في قوة وسط ميدان ليفربول الهجومي..الانتاج البدني الرائع للاعبي الارتكاز الدفاعي..المتمثل في جوردان هندرسون وقوة ظهيرا الدفاع..تحركات لاعبي الوسط وخاصة اللاعب لالانا الذي بذل مجهودا غير طبيعيا في الربط بين الدفاع والهجوم..

على العموم المباراة برهنت أن فريق تشلسي بحاجة إلى ارتكاز حقيقي أقوى من ماتيتش الذي كان غائبا تماما في الشوط الاول يحرر حركة هازار وكوستا ويغطي على تقدم المهاجمين.. لقد كان انتصار فريق ليفربول مذهل، ولعلها المرة الأولى التي يخرج فيها الديربي والجميع يتحدث عن شخصية مختلفة لهذا الفريق وبهذا المستوى الرائع ونقلة نوعية واضحة في الاداء الذهني المهاري والتاكتيكي ..والذي حقق فوزا مستحقا على فريق تشلسي العنيد..تحياتي

Editorial1مؤلف

Avatar for Editorial1

الدكتور عبد الجبار البصري رئيس تحرير صحيفة الرياضة العراقية

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *